مرض الفقار اللاصق هو نوع نادر من التهاب المفاصل، يسبب ألم مزمن وتصلب في العمود الفقري والمفاصل المحيطية، ويتطلب العلاج المبكر لمنع ظهور التشوهات بمرور الوقت.
ماهو مرض الفقار اللاصق؟
يعتبر التهاب الفقار المقسط أو التهاب الفقرات التصلبي أو التهاب الفقار اللاصق Ankylosing Spondylitis مرض التهابي مزمن، وشكل من أشكال التهاب المفاصل الذي يؤثر بشكل أساسي على العمود الفقري، حيث تلتصق الأربطة والأوتار بعظام العمود الفقري وحتى عظام المفاصل الطرفية، وبعد عدة سنوات؛ نتيجة العملية الالتهابية يتشكل عظم جديد في العمود الفقري مؤدي لاندماج العظام، عندها يتصلب العمود وتقل مرونته وفي حالات متقدمة تسبب تشوهاً فيه.
غالباً ما يتطور التهاب الفقار اللاصق أسفل الظهر عند ارتباط العمود الفقري والمفصلين الحرقفيين، وربما يصيب أجزاء أخرى من العمود مسبباً مشاكل مثل تحدب الظهر الشديد.
أنواع مرض الفقار اللاصق
صنف بعض الخبراء التهاب الفقار اللاصق ankylosing spondylitis تبعاً لتوضع الإصابة والموجودات الشعاعية على النحو التالي:
- التهاب الفقار اللاصق المحوري: يتوضع الالتهاب في الهيكل العظمي المِحوري(العمود الفقري)، ويمتاز بنتائج شعاعية نموذجية للمفصل عجزي الحرقفي.
- التهاب الفقار اللاصق الغير شعاعي: يتشابه سريرياً مع نوع التهاب الفقار المحوَري، ولكن بدون موجودات شعاعية على الأشعة السينية للمفصل العجزي الحرقفي في العمود الفقري.
- التهاب الفقار اللاصق المحيطي: حيث يتوضع الالتهاب في المفاصل المحيطية للجسم ويعف عن العمود الفقري.
عوامل خطر التهاب الفقار اللاصق
يمكن لأي شخص أن يصاب بالتهاب الفقار اللاصق، ومع ذلك قد تزيد بعض العوامل من خطر الإصابة به ومنه هذه العوامل:
- التاريخ العائلي والوراثة: التهاب الفقار اللاصق أكثر شيوعاً بين أقارب الدرجة الأولى عند المريض.
- العرق: لوحظ زيادة انتشار المرض عند العرق الأسود.
- العمر: على عكس التهابات المفاصل والأمراض الروماتيزم الأخرى، يبدأ المرض عادة بالظهور تدريجياً بين سن 20 وحتى 40 وممكن ظهور الأعراض في سن أبكر.
- الجنس: يُصيب التهاب الفقار اللاصق الرجال ثلاثة أضعاف النساء عادة.
- وجود أمراض معينة: مثل التهاب القولون التقرحي، مرض كرون و الصدفية يزيد خطر الإصابة.
أسباب التهاب الفقار اللاصق
لم يُعرف سبب التهاب الفقار اللاصق والعملية الالتهابية المزمنة فيه حتى الآن، ومع ذلك وجد الباحثون وجود جين أساسي عند أغلب المرضى وهو HLA-B27، ومع ذلك كثير من الناس يمتلكون هذا الجين وغير مصابين بالتهاب الفقار اللاصق، مما يرجح دور العوامل البيئية مثل العدوى البكتيرية في إحداثه أيضاً.
أعراض التهاب الفقار اللاصق
تختلف أعراض مرض الفقار اللاصق ankylosing spondylitis اختلافاً شديداً من شخص لآخر، حيث يعاني بعض الأشخاص من نوبات خفيفة من الألم تأتي وتختفي، والبعض الآخر من ألم شديد مزمن.
تتفاقم أعراض مرض الفقار اللاصق سواء كانت خفيفة أم شديدة عند حدوث هجمة التهابية وتتحسن خلال فترة الركود، ومن السمات المميزة كذلك تحسن الألم عند الحركة وممارسة الرياضة، ويزداد الألم حدة عند الجلوس وفي الفترة الصباحية.
نظراً لأن المرض يمكن أن يؤثر على مناطق مختلفة من الجسم غير العمود الفقري، فقد تظهر أعراض متنوعة عند المريض، والتي تشتمل على:
- ألم وتيبس في عدد من المفاصل الأخرى في الجسم مثل ألم وتيبس الرقبة، الكتف، الورك، الركب و الأقدام
- صعوبة في التنفس العميق في حال تأثر مفاصل الأضلاع
- هشاشة العظام
- فقدان الشهية وفقدان الوزن
- طفح جلدي
- ألم في البطن وإسها.
- التعب الشديد
- تغيرات في الرؤية وألم في العين بسبب التهاب القزحية
تشخيص مرض الفقار اللاصق
غالباً ما يستغرق الأمر سنوات حتى يتم تشخيص التهاب الفقار اللاصق بشكل صحيح، نتيجة التطور التدريجي للمرض وظهور الأعراض ببطء مع الاشتباه بحالات مرضية أُخرى.
ومع ذلك فالتشخيص المبكر أمر بالغ الأهمية للحصول على العلاج المناسب ومنع تفاقم الحالة الصحية وحدوث التشوهات العظمي.
بدايةً يأخذ الطبيب القصة المرضية بالاستفسار عن الأعراض والتاريخ الصحي والعائلي عند المريض، ومن ثم يقوم بإجراء الفحص البدني الذي يشمل فحص مفاصل الجسم ومراقبة الحركة والمرونة بإجراء بعض الاختبارات البسيطة، والتأكد من التنفس العميق للتحقق من تيبس الأضلاع والتهابها.
يطلب الدكتور للمساعدة في تأكيد تشخيص التهاب الفقار اللاصق فحوصات مخبربة وشعاعية:
التحاليل الدموية: حالياً لايوجد اختبار واحد يشخص التهاب الفقار اللاصق، ولكن يمكن طلب فحص الدم للكشف عن الجين HLA-B27 الموجود عند غالبية المصابين.
التصوير الشعاعي:
- الأشعة السينية X-ray: التي تساعد في رؤية التغيرات العمود الفقري والمفاصل المحيطية ولكن في مراحل متقدمة نوعا ما من المرض، تستخدم لمراقبة تطور المرض واستبعاد الأسباب الأخرى لألم المفاصل وليس في التشخيص المبكر.
- التصوير بالرنين المغناطيسي MRI: وهو الأكثر حساسية، يستخدم في تشخيص التهاب الفقار اللاصق في مراحله الأولى، حيث يكشف التهاب المفاصل قبل حدوث تغيرات كبيرة في العظم
مضاعفات مرض الفقار اللاصق
لكون التهاب الفقار اللاصق ankylosing spondylitis مرض مناعي جهازي؛ فإن تأثيره يتعدى العمود الفقري ليصيب أماكن متعددة من الجسم، وفي حال التأخر في علاج التهاب الفقار اللاصق لمدة طويلة يمكن أن تظهر المضاعفات التالية:
- اندماج الفقرات
- تحدب العمود الفقري
- هشاشة العظام
- التهاب القزحية، وحساسية الضوء
- مشاكل قلبية مثل : التهاب الشريان الأبهري، اضظراب نظم القلب واعتلال العضلة القلبية
- التهاب عظم الفك
- متلاذمة ذيل الفرس عند إصابة العمود الفقري القطني
علاج التهاب الفقار اللاصق
لا يوجد علاج لالتهاب الفقار اللاصق شافً له، فهو مرض مزمن تستمر أعراضه بالظهور مدى الحياة على شكل نوبي أو مستمر، إنما الهدف من علاج مرض الفقار اللاصق تخفيف الألم الحاصل والسيطرة على التهاب المفاصل مع الحفاظ على نطاق حركتها ومنع تطور المضاعفات.
تتنوع الخيارات العلاجية للمرض، والتي تشتمل على:
علاج التهاب الفقار اللاصق بالأدوية
مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية NSAIDs: بما في ذلك النابروكسين والإيبوبروفين التي تعمل على تخفيف الألم والالتهاب.
الأدوية المضادة للروماتيزم المعدلة للمرض DMARDs: والتي تتضمن السلفالازين (أزولفدين) والميتوتريكسات، توصف هذه الفئة من الأدوية لتقليل الألم وتورم المفاصل.
العلاج البيولوجي لالتهاب الفقار اللاصق:
تساعد الأدوية الحديثة المعدلة وراثياً على علاج الآفات الناتجة عن التهاب الأمعاء عن طريق إحداث تغيير في جهاز المناعة، والتي تشمل مستحضرات دوائية مثل:
- مثبطات الانترولوكين IL-17.
- مثبطات الكيناز جانوسJAK.
- مثبطات عامل النخر الورمي TNF: وهي أول مجموعة من العقاقير البيولوجية، تعمل عن طريق منع المحرضات الكيميائية الالتهابية التي تسمى السيتوكينات من التحرر في الجسم.
تمت الموافقة على خمسة مثبطات لعامل النخر الورمي من قبل هيئة إدارة الغذاء والدواء FDA:
- أداليموماب
- سيرتوليزوماب
- إيتانرسبت
- إنفلكسيماب
- غوليمواب
تكمن مشكلة علاج التهاب الفقار اللاصق بالأدوية البيولوجية أنها تزيد من خطر الإصابة بالعدوى لتثبيطها الجهاز المناعي للجسم.
علاج التهاب الفقار اللاصق عن طريق الحقن
حيث تحقن الستيروئيدات القشرية من قبل الدكتور وبتوجيه الأمواج فوق الصوتية حول المفاصل لتخفيف التهاب المفاصل وتسكين الألم بشكل مؤقت.
علاج التهاب الفقار اللاصق بالاعشاب: العديد من الأعشاب الطبيعية تعتبر علاجات مساعدة في تخفيف ألم المفاصل دون أعراض جانبية مزعجة، مثل الزنجبيل والكركم وشاي الصفصاف.
العلاج الفيزيائي والتمارين الرياضية
يمكن أن يساعد العلاج الطبيعي و الالتزام بالتمارين في علاج التهاب الفقار اللاصق والوقاية من تحدد حركة العمود الفقري وتيبس المفاصل.
يشرف المعالج الفيزيائي على المريض بتصميم برنامج مخصص يساعد الشخص في الحفاظ على حركية الفقرات والمفاصل وضمن وضعية جيدة.
يجب أن يتضمن برنامج التمرين المثالي العناصر الأربعة التالية:
- تمارين التمدد: لزيادة المرونة ومنع تصلب العضلات، وتقلل من خطر الاندماج.
- تمارين الرياضة الهوائية: التي ترفع من معدل نبضات القلب وتحسن الدورة الدموية في الجسم ووظائف الرئة، مثل السباحة والمشي.
- تمرين العضلات: لتقوية عضلات الظهر مما يدعم العمود الفقري.
- تمرينات التوازن: لتحسين الاستقرار والتقليل من مخاطر السقوط وحدوث الكسور.
علاج التهاب الفقار اللاصق بالجراحة
على الرغم من أن معظم المصابين بالتهاب الفقار اللاصق يمكن علاجهم دون جراحة، فقد يكون الخيار الجراحي ضروري في حالات معينة، يختار الجراح نوع الإجراء الذي يحتاجه المريض اعتماداً على أعراض المرض والعمر والصحة العامة له.
ومن ضمن الخيارات الجراحية:
استئصال الصفيحة الفقرية: في حال انضغاط الأعصاب أو النخاع الشوكي والشعور بألم أو تنميل أو وخز، تساعد هذه العملية على تخفيف الضغظ الحاصل بإزالة القوس الخلفي من الفقرات
قطع العظم: وذلك في حالات تحدب الظهر الشديدة التي تعرقل حياة المريض بشكل كبير، تقطع العظام ويعاد تشكيلها لتحسين الوضع والحركة، وهي عملية نادرة في حالات علاج مرض الفقار اللاصق.
تثبيت العمود الفقري والاندماج: الأشخاص المصابون بالتهاب الفقار اللاصق لديهم مخاطر أعلى لحدوث الكسور في العمود الفقري والتي غالباَ ما تكون غير مستقرة، ويتوجب على الجراح إصلاحها جراحيا لكونها تشكل تهديداً على النخاع الشوكي.
اقرأ المزيد حول: عملية تثبيت الفقرات القطنية لتقويم الظهر.
استبدال المفاصل: مثل مفصل الكتف، الركبة والورك، قد يكون ضرورياً بعد سنوات من العلاج في حال التلف الشديد.
في حال وجود استفسار عن مرض الفقار اللاصق وعلاجه يمكن التواصل معنا للإجابة عنه.
التعايش مع مرض التهاب الفقار القسطي
ليس من السهل التعايش مع التهاب الفقار القسطي وآلامه المزمنة خاصة في حال تركه من غير علاج.
يحتاج المصاب بمرور الوقت وتطور مرض التهاب الفقار إتخاذ خطوات يمكنه تطبيقها لتقليل التأثيرات المحدثة بسببه، وهذه بعضها:
- الإقلاع عن التدخين: حيث يحد من فعالية العلاج ويفاقم الأعراض سوءاً.
- تناول حمية صحية متكاملة: وذلك بتضمين الخضار والفواكه والحبوب الكاملة والبروتينات، والحد من الكحول والسكر والدهون المشبعة، مما يساعد في السيطرة على الالتهاب والحفاظ على وزن صحي وهو أمر أساسي للتحكم في مرض الفقار اللاصق.
- استخدام الأجهزة المساعدة: كالعكازات وأجهزة تقويم العظام في حال كان المشي يسبب ألماً في المفاصل وصعوبة في الحركة.
- الاهتمام بالصحة العقلية والنفسية: قد يزيد التوتر والضغط النفسي لدى المريض نتيجة النوبات غير المتوقعة أوالألم المزمن، من المهم ممارسة بعض تقنيات الاسترخاء مثل اليوغا أو التأمل والتنفس العميق لجعل التعايش مع مرض التهاب تلفقار أكثر سهولة.
المصادر:
الأسئلة الشائعة
يمكن لمريض التهاب الفقار اللاصق أن يسيطر على المرض عادةً، وقد يتسبب بإعاقة شديدة في حال عدم بدء العلاج باكراً نتيجة لاندماج العظام في العمود الفقري بوضعية ثابتة، وإلحاق الضرر في المفاصل الأخرى مثل الفخذ والركبة.
لا يوجد علاج شافٍ لالتهاب الفقار اللاصق، ولكن الخيارات العلاجية المتاحة تساعد في تخفيف الأعراض وتقليل الضرر في المفاصل المحيطية والعمود الفقري.
يمكن للوراثة لعب دور مهم بالإصابة في مرض الفقار اللاصق، إذ أن نسبة إصابة الأشخاص الذين من عائلة واحدة أعلى، واحتمال انتقال الجين HLA‐B27 بنسبة 50% من الأب للأبناء يدعم ذلك.